إن الحكمة القائمة من النبات أودعها الله فيها كما اودع في كل شيء حكمة من مخلوقاته ومنها كل الأعشاب والنبات على الأرض
حكمة النبات
اعلم ايها الأخ وفقنا الله وإياك وسلك بي وبك نهج اهل الخير والفلاح ان الله تعالى أودع في كل شيء حكمة كما وقع في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال كل عشبة في الأرض نابتة فيها حكمة الله ثابتة ولنذكر في هذا الباب بعض ماصح وثبت لدينا أخبارها فأخذنا طريقتها من كتب الافاذة ومن الاشياخ اهل الصناعة الزهاد
الكربيونا
هذه العشبة تسمى عند بعض المشارقة الكربيونا وهي تنبت بقرب النيل بمصر وكذلك رأيتها في احراز بساتين تونس وطرابلس وأكثرها بدمشق الشام وفي المغرب تنبت بجبل بقرب درعة وكذلك جبل دونة وغيرها من الجبال وفي الجبل الممتد فوق بلاد قشتالة بالمغرب
وقد التقيت مع بعض العارفين اهل هذا الشأن وفي يده هذه العشبة يلقي منها قليلا على ارطال من الرصاص فيصير ذهبا خالصا ويلقي منها على الحديد وهو في النار وكذلك الرصاص يجعله في النار فيرجع الحديد فضة خالصة وكذلك القلعى الكائن معدنه بقرب الشيخ الرباني ابي يعز المشهور بالعربي
يلقي شيء من هذه العشبة عليه فيصير فضة خالصة وأما القلعى الرومي فلا فائدة فيه في هذه الصناعة لانه ممزوج بالرصاص وكذلك النحاس فلا تفعل فيه هذه العشبة شيئا
فقلت لذلك الأخ الزاهد العابد من أين لك هذه العشبة فقال اني أتيت بها من بلاد سينا في مكان يقال له ( مائة نذر ) وتزيد فهي هناك في فذان يقال له فذان (الذهب) ولا ينبت
هناك الا هي وتسمى عند العرب والبربر( بتقندين) على ماقاله
ورأيت رجلا قدم بها من بلاد (الدالة) ويخلص منها فيرجع ذهبا والحديد فضة وقد ذكر لي جماعة من أهل هذا الشأن انها تنبت بتادلة واحوازها، وصفتها تنبت على ساق واحد واوراقها كالدرهم مدورة وباطرافها نقش كنقش المنخل وفيها حمرة وفيها قليل من الذهن ويصعد منها نمل صغير احمر ولا ينبت في ظلها نبات ولها رائحة كالمسك ونوارها اصفر وهذه العشبة ينزل عليها سر من السماءفي العشر ايام الأولى من السماين فتراها بالليل في تلك الأيام تضيء كما تضيء (الحلحب)
فإذا جاوزت هذه العشرة ايام ذهب نورها فتعرف بالليل بالضياء الموصوف وفي النهار بالاوصاف المذكورة فمن طلبها وهو لم يعرف اوصافها فليقصدها في العشر ايام المذكورة ومن طلبها ولم يعرف اوصافها في المواطن المعلومة فليأخد قصبة طويلة ويجعل فيها شيئا من التراب ومتى ظهر له الوصف صب عليها من التراب الكائن في القصبة لانه اذا اقترب منها احد ذهب نورها ولها ثلاثة اوصاف
الوصف الأول
وصفتها تنبت على ساق واحد واوراقها كالدرهم مدورة وباطرافها نقش كنقش المنخل وفيها حمرة وفيها قليل من الذهن ويصعد منها نمل صغير احمر ولا ينبت في ظلها نبات ولها رائحة كالمسك ونوارها اصفر
الوصف الثاني
ان يكون لهذه العشبة أوراق كاوراق الريحان وهي في القامة اقل من شبر واوراقها من الخارج محمرة ومن الداخل مخضرة قليلا ببياض ولها في ذاخل أكمام زهرها صاخب كحب الجوهر ونوارها ابيض وتجد في التراب النباتة هي فيه ذهنا ونملا صغيرا يجتمع على ذلك الذهن ولها رائحة قوية
الوصف الثالث
تنبت هذه العشبة على ثلاثة فروع أوراقها كالحناء يخرج منها لبن ابيض وبعضها لبن احمر، فالتي لبنها ابيض يرمى منه على الحديد المصفى فيصير فضة والتي يخرج منها لبن احمر يرمى منه على الرصاص فيصير ذهبا ابريزا ولهذه العشبة رائحة قبيحة شديدة القوة والنمل يصعد منها ولا تنبت الا في التراب الاحمر والجبال الشامخة ولها ذهن في أوراقها
فالأول من هذه العشبة المباركة كما قدمنا في الأول
والتانية تسمى عند أهل تونس بالعندالة وعند المغاربة بالهلالية
والثالث كثر منها في السواحل وتنبت كذلك في بلاد السودان بكثرة ويسمونها بالحرمونة وعند المغاربة بتسلخت
فالأول يتصرف في انقلاب الرصاص ذهبا والحديد فضة وكذلك القلعى
والثاني والثالث يصبغان الرصاص ذهبا والحديد فضة فقط
طريقة العمل
وكيفية العمل بهذه الأوصاف الثلاثة ان لا يختلط عليك وصف بنوع مشابه من هؤلاء، الا انك تأخد كل نوع وتيبسه في الظل جيدا وارفعه إلى وقت الحاجة، فمهما طلبت ان يرجع الرصاص ذهبا فتذهن ذلك الرصاص بشيء من العسل وترد عليه غبار من تلك العشبة المسحوقة واجعله في وسط النار ثم حوط عليه قليلا فإنه يصعد منه دخان اسود ويجري ساعة ثم يحمر ذلك الرصاص ثم يرجع اصفر ثم يحمر في وسط النار ثم غطيه بالرماد المسخن
واتركه حتى يبرد ذلك الرماد، مثال ذلك أن جعلته حين ينام الناس بالليل فاتركه إلى الصباح واذا استعجلت بعملك فإذا صار الرصاص اصفر وجمد في وسط النار فاطفيء النار بالماء وأخرج ماهناك تجده ذهبا ابريزا افضل من معاذن التبر الخالص
وكيفية انقلاب القلعى والحديد فضة بهذه الأنواع الثلاثة ان تاخد الحديد والقلعى ثم تذهن ببياض بيض الدجاجة وتدر عليه قليلا من تلك العشبة واجعل عملك في وسط كانون فيه نار قليلة ورماد ساخن ثم تغطيه بتلك النار واتركه من العشاء إلى الصبح فإن العشبة ترى حكمتها في ذلك الحديد والقلعى فيصير فضة خالصة
فإن زدت إلى الذهب هذه الكمية وزنها فضة أو وزنين صار الجميع ذهبا وكذلك ان زدت إلى الفضة هذه الكمية وزنها أو وزنين من النحاس الاحمر صار الجميع فضة خالصة صابرة للحمي وان رميت شيئا من هذه العشبة في النار على اي معذن كان فلا يستفيد منها شيئا ولا يظهر سرها ولا اثرها، فسرها بالليل عند القوم معلوم ومكتوم ومن رماها بالنهار فيكون محروما من هنا انقطع الوصول ولا يرفع مثل هذا الغطاء الا الفحول فافهم تغنم والا فاسكت تسلم
الجنية
يقال لها الجنية ويقول لها العوام الذولية تنبت في كل مكان لها أوراق كاوراق الذفلة ولا يظن احد عند رأيتها الا انها الذفلة المعلومة الا انها قصيرة جدا أعلى قدر الشبر قامتها أو نصفه ولها رائحة قوية قبيحة اذا زاولت منها ورقة يخرج منها لبن ابيض فالوصف الذي هي الفائدة منها هي التي يكون على أوراقها ذهن كالزيت يسطع ونوارها ابيض واصفر وقليل ان تجدالتي زهرها احمر وهي الكاملة في الأوصاف، فالتي زهرها ابيض يكون ماؤها ابيض كثيرة في البلدان ولا تنبت الا في الجبال الشوامخ ومجرى الأنهار التي يفيض مياهها في بعض الأوقات ثم تغور
طريقة العمل
خد هذه العشبة وتيبسها في الظل بعد أن تزاولها درهما من الفضة ثم تخلطها مع العسل أو بياض البيض واتركها حتى تجف ثم تاخدها وترميها في عسل أو ماء بيض الدجاجة فافهم ثم تحمي الرصاص ان كان نوارها احمر او اصفر واذا كان لبنها ابيض فتحمي الحديد وتطفيها في العسل الذي فيه العشبة المذكورة فإنه يخرج الحديد قمرا وكذلك القلعى والانك يرجع ابريزا
لهذه العشبة قواعد إنتاج الأفعال
أحدها ان لا يتكلم عليها عند زوالها من الأرض والثاني يجعلها من أصلها بطهارة والثالث عند رميها في الأجساد لا يبصرها غيرك ايها الإنسان فالسر كله في الأعشاب الكتمان والا بطل العمل والقاعدة التي يشترط عند ختم الأوصاف
الثلاثة والتي عليها مدار الأعشاب والا كان العمل كالسراب فليعلم من كان ذا علم فافهم شروطها
اللذونة
كما يقول لها المشارقة وعندنا بالمغرب أذن الفأر وفيها ثلاثة اوصاف الغنمية اجودها والمغرية والبقرية فالغنمية أوراقها تشبه الخلقة إذن الفأر مثلثات كنبات أوراق الدفلة في التثليث ثم تمتد قليلا قامتها فتخرح هناك أوراق مثلثات على الوصف المذكور وفيها زهر ابيض في سطه حبة بيضاء كأنها الجوهرة ولها رائحة طيبة وقامتها في الطول اقل من الشبر في ساقها دهن وتميل أوراقها من الخارج إلى الحمرة ويصعد منها نمل صغير
وهذه العشبة هي التي تقع في بعض الأوقات بين حبوب الزيتون عند انفتالها من البساتين ثم يعصر الزيت فيفور وقد شاهذنا لهذه العشبة المذكورة تقصيص الكاغذ ورأيت بعض الاخوان في الله يجعل منه الاصواع فيقلب ذهبا أو فضة فقلت له سألتك بالله العظيم من أين استفذت هذا السر فقال لي من الكتاب الذي الفه جدك صاحب الابرار الشهير التأليف المسمى بتاج الملوك ومنية المالك والمملوك فسالت عن ذلك الكتاب في الخزانة فوجدته فيه مرقوما ووجدته في آخر الكتاب كاملا جليلا تخرق به العوائد في لمح البصر لمن استعمله فمتى أراد ذلك فليطالعه
طريقة العمل
فإذا وجدتها فزاولها بدرهم من الفضة فإذا زاولتها وتركتها في الظل حتى تيبس ،فإذا رميت منها شيئا في الشكوة تزيد عند طحنها فإن الكمية تنزل فيها حتى يرتفع ما فيها إلى مالانهاية له في الزيادة ولا ينقطع سرها الا ان يتكلم عليها احد
عشبة عند المشارقة يسمونها
السنط
تسمى عند المشارقة بالسنط وعند اهل المعرفة من المغاربة
بالغزالية وكثير من الناس يقول لها الرناية أوراقها كاوراق الزيتون وهي متصلة بنباتها كاتصال أوراق الريحان وتخرج من الأرض طول السبابة ولها نوار ازرق وابيض مائل إلى الزرقة وتنبت على قوائم شتى نحو أربعة أو خمسة أو أقل
ولا ينبت بجانبها نبات ولا توجد الا في أرض الجبال والرمال ويصعدها النمل الكبير والصغير فإذا اكلتها الماشية تنسيك الفضة من قوة هذه العشبة على اضراسها وقد توجد في كثير من الأماكن على ما قاله الفاضل الزاهد السايح العابد ابو محمد عبدون التونسي
طريقة العمل
وكيفية العمل بهذه العشبة المباركة أن تأخدها وتيبسها في الظل وتسحقها ناعما وتفترش منها وتغطي للغد في بوط معمر بعد اخلا ها وامتزاجها مع بياض البيض وحضر ذلك من الزوال إلى الغد تجده معقودا لم يحتاج إلى تحليل كل زئبق انعقد بالنبات وان الذي يحتاج إلى القليل بعد للعقد هو الفرار المعقود بالانفاس فافهم درهم من هذا السحاب المعقود بالعشبة المذكورة على رطل من الزهرة يردها فضة وكذلك القلعى للقاضي ويخرج منه جميع العلل
بساط الملوك
عشبة معلومة مشهورة في كل بلاد تغني شهرتها عن وصفها لا يجهلها حتى الصبيان
طريقة العمل
وذلك ان يزاولها صبيحة يوم الاثنين بصفحة الفضة وتتركها في الظل حتى تيبس ثم تجففها ثم تخلطها مع وزنها من الهليلج الكابل وتجمع الجميع سويا ثم تخلطها بالعسل وافرش فومن الاشياخ اهل الصناعة الزهاد
فمن ذلك عشبة يقال لها الكربيونا عند بعض المشارقة وهي تنبت بقرب النيل بمصر وكذلك رأيتها في احراز بساتين تونس وطرابلس وأكثرها بدمشق الشام وفي المغرب تنبت بجبل بقرب درعة وكذلك جبل دونة وغيرها من الجبال
وفي الجبل الممتد فوق بلاد قشتالة بالمغرب وقد التقيت مع بعض العارفين اهل هذا الشأن وفي يده هذه العشبة يلقي منها قليلا على ارطال من الرصاص فيصير ذهبا خالصا ويلقي منها على الحديد وهو في النار وكذلك الرصاص يجعله في النار فيرجع الحديد فضة خالصة
وكذلك القلعى الكائن معدنه بقرب الشيخ الرباني ابي يعز المشهور بالعربي يلقي شيء من هذه العشبة عليه فيصير فضة خالصة وأما القلعى الرومي فلا فائدة فيه في هذه الصناعة لانه ممزوج بالرصاص وكذلك النحاس فلا تفعل فيه هذه العشبة شيئا
فقلت لذلك الأخ الزاهد العابد من أين لك هذه العشبة فقال اني أتيت بها من بلاد سينا في مكان يقال له (مائة نذر) وتزيد فهي هناك في فذان يقال له فذان (الذهب) ولا ينبت هناك الا هي وتسمى عند العرب والبربر ( بتقندين ) على ماقاله
ورأيت رجلا قدم بها من بلاد (الدالة) ويخلص منها فيرجع ذهبا والحديد فضة وقد ذكر لي جماعة من أهل هذا الشأن انها تنبت بتادلة واحوازها، وصفتها تنبت على ساق واحد واوراقها كالدرهم مدورة وباطرافها نقش كنقش المنخل وفيها حمرة وفيها قليل من الذهن ويصعد منها نمل صغير احمر ولا ينبت في ظلها نبات ولها رائحة كالمسك ونوارها اصفر
وهذه العشبة ينزل عليها سر من السماءفي العشر ايام الأولى من السماين فتراها بالليل في تلك الأيام تضيء كما تضيء (الحلحب) فإذا جاوزت هذه العشرة ايام ذهب نورها فتعرف بالليل بالضياء الموصوف وفي النهار بالاوصاف المذكورة فمن طلبها وهو لم يعرف اوصافها فليقصدها في العشر ايام المذكورة
ومن طلبها ولم يعرف اوصافها في المواطن المعلومة فليأخد قصبة طويلة ويجعل فيها شيئا من التراب ومتى ظهر له الوصف صب عليها من التراب الكائن في القصبة لانه اذا اقترب منها احد ذهب نورها ولها ثلاثة اوصافي بوط على نار التحضين فإنه ينعقد درهم منها على عشرة ارطال من الزهرة يقيمها فضة خالصة وهذه العشبة لا تخرج من دخائر الملوك
العندلان
شجرة العندلان عند أهل المشرق وعند الترك تسمى
بالكريك وهي لاتنبت في الجبال اصلا ولا في الأماكن الباردة وإنما تنبت في الأرض الحارة بقرب البحر وهي موجودة عندنا بتلمسان وفي بلاد الترك كثيرة وكذلك في بلاد الروم
وقد ذكر ابو محمد عبدون السايح انه راها في سجلماسة
وبقرب وادي درعة وفي سواحل البحر وقامتها قدر قامة الإنسان واكبر من ذلك اعوادها مبيضة واوراقها كبار تقترب من خلقة أوراق التين وفيها لبن ابيض كثير فإدا يبست يكون في وسطها صوف يوقده الناس في المصابيح
طريقة العمل
فإذا وجدتها فخد لبنها وشيئا من الهليلج الكابلى بعد سحقه وافرش منها وغط في شقف جديد واجعل ذلك الشقف على نار متوسطة وانت تصب على مافيه من لبن العندلان حتى يصير حجرا، درهم من السحاب المحبوس على سبعة ارطال من الزهرة يصير قمرا فافهم الإشارة فقد نطقت باوضح عبارة لمن كان ذا فهم وما يذكر الا اولوا الألباب والله الهادي للصواب
- (تمت) -
إرسال تعليق